لأن قيام الليل يمثل أوثق صلة للمؤمن بربه. وعلى قدر هذه الصلة ووثوقها، يستمد المؤمن طاقة هائلة، تنعكس على جميع مناحي حياته، وشخصيته، وجسده، وقلبه، وروحه.
نتلو آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على قيام الليل، وتبين فضائله وثمراته. فلماذا يكون لقيام الليل هذه الضرورة؟ ولماذا تكون له هذه الثمرات دون غيره من العبادات؟
لأن قيام الليل يمثل أوثق صلة للمؤمن بربه. وعلى قدر هذه الصلة ووثوقها، يستمد المؤمن طاقة هائلة، تنعكس على جميع مناحي حياته، وشخصيته، وجسده، وقلبه، وروحه.
فعندما يتحقق أثر قيام الليل من تخفيف الذنوب، وبرء الجسد من العلل والأمراض، يخف الجسم، فتخف الروح، وينشرح الصدر، وتتساوق الروح مع الجسد.
وعندما يختلي المؤمن بربه في سحرة الليل الساجية، يجتمع قلبه وعقله وروحه على إخلاص الذكر والدعاء، فتكون الإجابة أقرب وأرجى، ويتحقق القرب المكاني بالسجود، والقرب الزماني بالسحر.
وكلما اقترب المؤمن من مصدر القوة المطلقة، واختلى بمدبر الكون، ومالك الأمر، ومصرّف الأسباب، ومقلب القلوب، ومقسم الأرزاق، ومجري السحاب، ومذلل الصعاب، استمد القوة، واستمد العون، وحصّل زاد الطريق، فلا يكاد يصعب عليه شيء.
وعندما يقوم المؤمن بالليل، يتقمص آيات القرآن، ويعيش حياة الأنبياء ومواقفهم وكرباتهم، فيستشعر الآيات وتتمثل في ضميره حية، ويعيش مواقف نزولها مشاهد ناطقة، تتجسد في وجدانه، ويستشربها كيانه، ويحيا بها.
يعيش مع نبينا في غزوة بدر، ويعيش البشارة قبل النصر، وفرح المؤمنين الفقراء المهاجرين بالنصر على صناديد قريش. ويعيش نزول الملائكة تقاتل في ساحة المعركة، ويمس رذاذ المطر بشرته، مثلما ربط على قلوب الصحابة قبيل القتال.
ويعيش أحد والأحزاب والحديبية، فيأسى ويفرح، ويترح ويبهج، ويجزع ويجذل، ويشجى ويحبر.
ويعيش مع إبراهيم يواجه قومه ويحطم أصنامهم، ويلقى في النار محتسبا عند الله، ويعيش معه وهو يذبح إسماعيل، ويجوز محنة بعد أخرى، ويبني البيت!
ويعيش مع موسى وما عاناه من قومه، ونصره على فرعون وملئه.
ويعيش مع عيسى ونوح ويوسف وسليمان، وذلك الرهط من رسل الله الكرام.
يوثق المؤمن قلبه ويحزمه بحبل السماء، أفلا يهون عليه أمر الأرض؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق