بتاء التأنيث؛ فانتقلت من الوصفية الى الاسمية، والكناية بلفظ (القارعة) ليست وصفاً
لكل ما يقرع، وانما هو اسم لهذا اليوم المخصص (¬1).
وتدخل البنى الاستفهامية التي تفيد التفخيم والتهويل والتجهيل على هذا الوصف بقوله تعالى: (وما أدراك ما القارعة)، ومعناه: ((أي شيء القارعة ومعناه انك يا محمد (- صلى الله عليه وسلم -) لا تعلم كبر
وصفها وحقيقة امرها على التفصيل، وانما تعلمها عن طريق الجملة ... )) (¬2). ثم
يسكت السياق عن بيانها الى وصفها بانها تقرع القلوب يوم تكون اوصافاً للناس
(كالفراش المبثوث) واوصاف الجبال (كالعهن المنفوش)؛ فنلحظ التركيز على فعل هذا اليوم
في تناول إثارة الناس والجبال وهي ((تقرع القلوب والاسماع بفنون الاهوال والافزاع)) (¬3)؛ فهي اذن بهذا الوصف نوع من انواع العذاب، يؤطر هذا الفهم لها ورودها في سياق
سورة الحاقة حيث ان السؤال التجهيلي (وما ادراك) يأتي ليحتوي وصفاً اخر من اوصاف
يوم القيامة في قوله تعالى: (الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ * كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ * فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ) [الآيات 1 - 6]، فكان السياق
الذي سبق مخصص لسورة القارعة جاء ليحاكي وروده السابق في سورة الحاقة، والتي
تبدو من سياق ورودها اكثر عموماً من القارعة؛ لان المساحة البيانية التي أتى السياق اللاحق على ذكرها جعلت فعلها يمتد في اتجاهين الاول: دنيوي والاخر: اخروي، ذلك انه ذكر
فيها اصنافاً واقواماً من الناس وانواع عذابهم في نفسه، وقد جاء على ذكر (ثمود وعاد)
الذين خصهم بالتكذيب بالقارعة، ولعلنا نجد لهذا صلة بكون أثار القارعة انها تقرع
الكون بالتحطيم والدمار (وثمود وعاد) كما ورد عنهم في سياقات اخرى عرف عنهم
تمسكهم بالارض واشتهارهم بعلو البنيان وطموحهم العالي في الخلود؛ فكان بناؤهم
تعبيراً فعلياً عن رفضهم فكرة الموت والاندثار، وان سلوكهم هذا استدعى ان تكون هنالك
قوة تحمي رموز خلودهم بأن يقع بهم ((صنوف البلايا والمصائب في نفوسهم
وأولادهم وأموالهم)) (¬4)؛ فاستدعى منحاهم ذلك وظيفة القارعة في ذلك اليوم الذي هو
اوسع واعمق من ان يصل الى ادراكه بكل تفاصيله أي ذهن بشري؛ فالقارعة ((تقرع
¬__________
(¬1) =: معاني الابنية العربية /122 والكناية في القرآن الكريم، اطروحة دكتوراه، احمد فتحي رمضان، كلية الاداب، جامعة الموصل، 1996/ 279.
(¬2) جامع البيان: 30/ 281.
(¬3) التفسير الكبير: 30/ 103؛ =: ارشاد العقل السليم: 5/ 189.
(¬4) الكشاف: 4/ 598.
Post Top Ad
إعلانك هنا
الأربعاء، 17 فبراير 2021
الرئيسية
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
45 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
45 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
التصنيف:
# التفسير البياني للتراكيب القرآنية
عن Qurankariim
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
Marcadores:
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
أعلن هنا
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق