مرجعية الوصف الذي اطلق على النار (سقر) ليكون جزاءً على تفكيره فهو الذي قدره وتخيله وصوره، ((ولما ثبت له هذا العذاب عظمه وهوله بقوله: (ما ادراك)، أي ما أعلمك وإن اجتهدت في البحث)) (¬1)، وقد يكون الخطاب موجهاً للرسول (- صلى الله عليه وسلم -) وذلك لظروف النزول التي رافقت هذا النص فيكون انتقاماً منه واخذاً لحق الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) ودفاعاً عن الدعوة الاسلامية والقرآن الكريم، ومن الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) الى جمهور محتمل مفتوح على الزمان والمكان؛ فباطن هذا البناء تهويل لحالها إذ ((ان علم هذا خارج عن طوق البشر لا يمكن ان يصل اليه أحد منهم الا بإعلام اللَّه تعالى له، لانه اعظم من ان يطلع عليه بشر. ولما اثبت هذه العظمة زادها عظماً ببيان فعلها دون شرح ماهيتها)) (¬2)؛ فان ((تلك النيران لا تذر من قوتها وشدتها شيئاً الا وتستعمل تلك القوة والشدة في تعذيبهم)) (¬3)؛ فوظيفة النار هنا مرتبطة بالسياق؛ لانها تركز على فعل الاذابة التي تحتاج الى وقت يتناسب والتراخي في المراحل التي مر بها (المتحدث عنه)، وهو يحاول البحث عن طريقة للطعن في القرآن الكريم والرسول (- صلى الله عليه وسلم -) ويعبر عن تمرده وأساءته حيث انه كان بين الافعال تراخ وتباعد (¬4).
وقد جاءت دلالة التهويل والتعظيم في المجال الدلالي نفسه الخاص بأوصاف جهنم في قوله تعالى: (كَلا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ)، وقد لوحظ فيها ايضاً التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب، فصورة الهمزة اللمزة الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى لمزهم في انفسهم وأعراضهم، وهو يجمع المال فيظنه كفيلاً بالخلود صورة هذا المتعالي السافر المستقوي بالمال تقابلها صورة (المنبوذ) المهمل المتردي في (الحطمة) التي تحطم كل ما يلقى اليها فتحطم كيانه وكبرياءه)) (¬5)؛ لان الحطمة مأخوذة من الحطم وهو الكسر وحطمته أي كسرته (¬6)، ونلحظ ان السياق يتصعد في بيان هذا النوع من النار وتوضيح اثرها ليتعاضد
¬__________
(¬1) نظم الدرر:21/ 59.
(¬2) م. ن:21/ 60.
(¬3) التفسير الكبير:30/ 202.
(¬4) الكشاف:4/ 648، و=: البنى والدلالات في لغة القصص القرآني، اطروحة دكتوراه، عماد عبد يحيى، كلية الاداب، جامعة الموصل، 1992/ 75.
(¬5) في ظلال القرآن: 6/ 13977
(¬6) =: لسان العرب: 12/ 138، مادة (حطم).
Post Top Ad
إعلانك هنا
الأربعاء، 17 فبراير 2021
الرئيسية
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
38 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
38 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
التصنيف:
# التفسير البياني للتراكيب القرآنية
عن Qurankariim
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
Marcadores:
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
أعلن هنا
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق