كان تفكيره ليحتال به للباطل؛ لانه لو فكر على وجه طلب الرشاد لكان ممدوحاً)) (¬4)؛
فهو في كل هذه الحركة المتلاحقة كان يبحث عن مطعن يطعن به فضاقت عليه الحيل
ولم يدر ما يقول (¬5)، وهو ينظر ((متكلفاً مصطنعاً يوحي المنظر بالسخرية منه والاستهزاء ويقطب حاجبيه عابساً ويقبض ملامح وجهه باسراً، ليستجمع فكره في هيئة مضحكة
وبعد هذا المخاض كله وهذا الخرق كله لا يفتح عليه بشيء انما يدبر عن النور ويستكبر
عن الحق، فيقول ان هذا الا سحرٌ يؤثر)) (¬6).
ونلحظ تكرار الفعل (قدر) في ثلاثة مواضع في السياق نفسه، والذي يدل على توكيد معناه، فهو التفكير في الامر بحسب التمني والشهوة وبناء الامر عليه وذلك مذموم (¬7)؛ فهو هنا يؤكد استخدام العقل (فقال) وقد عطف بالفاء؛ لان هذه المقالة لما خطرت بباله بعد اكتداد فكره لم يتمالك ان ينطق بها فكان نطقه بها حقيقياً بأن يعطف بحرف التعقيب .. فهو يئس من ان يجد ما فكر في انتحاله فأنصرف الى الاستكبار والآنفة من ان يشهد للقرآن الكريم بما فيه من كمال اللفظ والمعنى، ثم ادبر يسعى زيادة اعراض عن تصديق الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) (¬8) و ((وصفت اشكاله التي تشكل بها لما اجهد نفسه لاستنباط ما يصف به القرآن)) (¬9)، من
هنا كان استحضاره لوظيفة النار التي يرتكز فعلها على الدماغ فتذيبه، اقتضى هذا المدلول
¬__________
(¬1) سورة المدثر، الآيات: 11 - 26.
(¬2) في ظلال القرآن: 6/ 3756.
(¬3) اساليب العطف في القرآن / 168.
(¬4) مجمع البيان:5/ 388.
(¬5) =: الكشاف:4/ 648، والتفسير الكبير: 30/ 200.
(¬6) في ظلال القرآن: 6/ 3757.
(¬7) المفردات /396.
(¬8) التحرير والتنوير: 29/ 310.
(¬9) م. ن: 29/ 310.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق