وقد تنبه القدماء الى ان كل ما ورد في القرآن الكريم بـ (ما أدراك) فإن اللَّه (- عز وجل -) ادراه وأعلم به المخاطب، وكل ما ورد في القرآن الكريم بـ (ما يدريك) فأن اللَّه (- عز وجل -) قد استأثر بعلمه (¬1) فقد وردت بصيغة المضارع في ثلاثة مواضع من غير ما بيان (¬2)، والاستقراء للنصوص التي ورد فيها هذا (اللفظ) وبيانه قد بقيت المعرفة به غير متكاملة؛ فقد كان ما بينه من الامور التي تلي (ما أدراك) فيها اظهار لما يريد ان يعلم به المخاطب وتبقى جوانب مستترة من ما يرتضيه غامضاً خفياً عن المخاطب؛ فالمسألة تبقى محافظة على عدم الاحاطة بأبعادها التامة الا ما تسمح بفهمه النصوص المبينة لها.
-الحقل الاخروي:
في اطار رصد حركة البنى القائمة على فتح الحوار مع (المتلقي الاول) بنفي الدراية عنه نلحظ انها ترد في سياقين نصيين تقترن فيهما باسمين من اسماء جهنم الاول ترد فيه في سياق سورة المدثر: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) [الآيات 26 - 30]، والثاني في سورة الهمزة في قوله تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ) [الآيات 1 - 5]، ولا تخرج دلالة بنية (وما ادراك ما) عن كونها تعظيم الامر الذي يليها وتهويله، والسقر مأخوذ من سقرته الشمس إذ اذابته ولوحته واحرقت جلدة وجهه (¬3) وهي هنا ((الدركة النارية
التي تفعل في الادمغة من شدة حمومها ما يجل عن الوصف، فأدخله اياها والوحه في
الشدائد حرها وأذيب دماغه بها، واسيل ذهنه وكل عصاراته بشديد حرها)) (¬4)، وإذا
ما استحضرنا السياق الذي ورد فيه هذا التهديد والوعيد، ومن ثم التجهيل والتعظيم
لهذا النوع من النيران التي تقتضي التعذيب لوجدنا انها نزلت في الوليد بن المغيرة (¬5):
(ذرني ومن خلقت وحيداً وجعلت له مالاً محمدوداً، وبنين شهوداً ومهدت له تمهيداً ثم يطمح ان ازيد كلا انه كان
¬__________
(¬1) =: معاني القرآن: 3/ 280، المفردات في غريب القرآن/ 168 - 169، بصائر ذوي التمييز: 2/ 597.
(¬2) فقد وردت في كل من سورة الاحزاب، الاية / 63، سورة الشورى، الاية / 17، سورة عبس، الاية/3.
(¬3) =: لسان العرب: 4/ 372، مادة (سقر).
(¬4) نظم الدرر: 21/ 59.
(¬5) لباب النقول / 306.
Post Top Ad
إعلانك هنا
الأربعاء، 17 فبراير 2021
الرئيسية
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
36 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
36 التفسير البياني للتراكيب القرآنية ذوات الدلالات الاحتمالية الصفحة
التصنيف:
# التفسير البياني للتراكيب القرآنية
عن Qurankariim
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
Marcadores:
التفسير البياني للتراكيب القرآنية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
أعلن هنا
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق